الرسوم جميعا للفنانة شون لين يو
***
للصيف. لحوائطه البيضاء. للشمع الباكي. للصمغ. للقمر الدافئ. للنهر. للطير الصارخ في الأشجار. لليل وللزمن المنهار. هذا القلب المتوّله بالذكرى. بطقوس النقش على مرآة الحلم العبق بسلام الأشياء.
***
للدرب المعتم. للنبع. للنجم المختلج. للعشق. للبحر الضاحك بين الأعشاب. للعين المأخوذة بسراب. للأفق يسحب ذيل الطاووس الليلي على السور الجبليّ. للموت وللزمن الحربيّ. هذا القلب المطروح على العتبة.
***
للشمس الطالعة بين زهور الخشخاش. للسنجاب الراكض في أفياء الغابات. للوعل وللثعبان القدسيّ. لعلاء الدين وللقنديل السحريّ. لأمير مجنون بالوحدة. مسكون بالصحراء ومهجوس بهواتفها. للشرق وللشعر النبويّ. لهذا الحلم. لهذا العصر. لهذا القلب الإنساني ومنه سلاما يا طير البرق الذهبيّ. سلاما. يا طير البرق المشتعل في سرّ الفجر البحريّ. ويا ريح سلاما، يا إعصار.
***
ثم ننطلق على دروب العالم،
حين أعرف كيف أقرأ أسرار النجوم في عينيك،
حين أعرف كيف أفهم موتي،
حين أتعلم الإنصات إلى قلبك يدق طبول الليل،
حين تشتدّ الريح العاوية على الشطآن،
حينها…
يمكننا أن نمضي
على الدروب المقفلة لغيرنا.
***
المطر يتناثر في بستان السّحرة. وأنا أغني، على إيقاع المطر أغني، مع النهر المتدفق أغني، مع الأغصان الراقصة… أغني… للحياة، للعشق، لوجهك المتمرئي في قطرات الماء الجذلى. للأصيل الورديّ، أغني.
***
إنها لحظة بين عالمين
عالم يبتدي
وعالم ينتهي…
إنها لحظة بين شيئين،
بين لونين،
بين حبّين مختلفين
وهذا المساء لنا حجرة والسماء غطاء
النجوم تباغتنا ثملين بخمرتها، وتعانقنا
روحنا التحمت جسدا واحدا، والزمان انشطر…
بين وقتين مختلفين:
آن لنا،
وأوان لغيرنا في مملكات الغياب.
***
صراصير الأرض تدوي بين الزعتر والعوسج، وأنت جميلة الفجر الزاحف على البحر، عارية تحت دمع الملائكة، ترقبين البحيرة الساجية في غلالة النور.
ما أبصرت وجهك عيناي،
ما لامست جسمك يداي،
إنما…
ليل مقمر يدفعني إليك بحتمية خارقة.
***
كرة الكرستال اشتعلت. دمي استعر. أبصر صيادا يغير ضفاف البحيرة الملتحفة بالنور . أبصر غزالا شاردا في صحراء الينابيع والنبوءات.
وأنت جميلة الفجر الذاهب للآلئ والأصداف، مكتملة النيران، في التهاب جسدينا، وسط بستان السّحرة… ترقدين الآن في زورق من الزبد والغيوم… وبين المدّ والجزر، جسمك يأمر النهار بالطلوع.
***
آه! تعبت…
قدماي ورأسي جرح واحد.
تعبت.
أين مرفأك يا ليل الغرباء؟
على مدّ البصر، لا أرى سوى هذا الطائر الضمآن،
يجرّ جناحين ثقيلين، ثقيلين… كظلّي.
وأنت يا سمائي الصامتة، تنغلقين كنيلوفر
يباغته الصبح…
***
الكرة الآن انطفأت. خصرك ينحني كالأفق حين يغطيه القمر بنوره.
عيناك…هذي الغابات،
وهذا الوهج
ثديك في كفي…
شفتاك الرمّان الملتهب بالشمس،
ودمي محموم يا حبي.
***
والآن… كورقة من شجر الفردوس الممنوع،
تشردها الريح، القمر، والنجم القطبيّ،
وتهيم قرونا،
آلاف قرون بمشيئة كلمة،
والآن
أسقط فوق صدرك…
والآن… كنبيّ ثمل أدركه عشقك،
أو كشعاع مجنون…
سوف أطير ، أطير، أطير…
***
يا أيها الوجه الذي يمضي به الليل الخرافي إلى الحلم الغريب،
يا أيها اللّوتس المرميّ فوق العتبة،
يا أيها القلب الرحيب…
الآن تدخل قصرك الشرقيّ،
تسكن عصرك الذهبيّ،
في سكّة الحجر العجيب…
إنها اللحظة بين زمنين:
زمن يبقى،
وآخر سيغيب.
باريس (١٩٧٨)