الإسلام والمقاومة
هل يدعو الإسلام الناس إلى الجهاد أم الاستكانة والتخاذل؟
بسم الله الرحمان الرحيم: << ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير >> (البقرة ١٢٠). صدق الله العظيم.
العلاقة بين الإسلام كدين ومفهوم المقاومة متعددة الأبعاد، ويمكن تحليلها من منظورين رئيسيين: النظري والعملي.
1. منظور نظري:
– الإسلام كدين: الإسلام، كأي دين كبير آخر، يحتوي على تعاليم متنوعة تتعلق بالسلام، العدل، والدفاع عن النفس، والتعايش. والقرآن الكريم والأحاديث النبوية توفر إطارًا أخلاقيًا وروحيًا للمسلمين.
– مفهوم المقاومة: المقاومة كمفهوم يمكن أن تأخذ أشكالاً متعددة، منها السلمي كالاحتجاجات والعصيان المدني، ومنها المسلح كالثورات والحروب الدفاعية. في السياق الإسلامي، المقاومة قد ترتبط بفكرة الدفاع عن الأمة والأرض والدين.
2. منظور عملي:
– الجهاد في الإسلام: الجهاد، في سياقه الإسلامي، له معانٍ متعددة. يُشير إلى “الجهاد الأكبر” وهو الجهاد ضد النفس والرغبات، و”الجهاد الأصغر” وهو القتال في سبيل الله. وبالتالي، فالجهاد كدفاع عن النفس مشروع في الإسلام عند الضرورة.
– المقاومة والجهاد: في بعض السياقات، قد يتم اعتبار المقاومة، خاصة المقاومة المسلحة، كشكل من أشكال الجهاد، خاصة إذا كانت في سياق الدفاع عن النفس أو الأرض أو الدين ضد العدوان. ولا خلاف في ذلك بين علماء المسلمين الشرفاء. أما من يخضع منهم لأهواء طاغية، في بلدان إسلامية تغيب عنها شمس الحرية، فرأيه مجروح.
من المهم الإشارة إلى أن هذه المفاهيم يمكن أن تُفهم وتُطبق بطرق متباينة بناءً على السياق الثقافي والسياسي والتاريخي. الإسلام كدين له تاريخ طويل ومتنوع، ومثله مثل أي تقليد ديني آخر، يمكن تفسير تعاليمه وتطبيقها بطرق متنوعة. وبالتالي، من الصعب إعطاء تفسير واحد أو نهائي للعلاقة بين الإسلام والمقاومة أو تحديد هوية الجهاد في ظرف معين بشكل قاطع.
ومع ذلك، هناك أدلة قرآنية يمكن الاستدلال بها. وبحسب الآيات، يمكن أن يشير الجهاد إلى الكفاح الروحي أو الجهاد العسكري. الجهاد الروحي يتطلب مشقة وكفاحًا وعزوفًا عن الرغبات والميول، بينما الجهاد العسكري يتطلب القتال وحمل السلاح وخوض المعارك في سبيل تثبيت أركان الدين والدفاع عنه.
3. الآيات الجهادية
هناك 38 آية في القرآن الكريم تحدثت عن الجهاد بلفظ “القتال”. هذه الآيات موجودة في سور مختلفة مثل البقرة، آل عمران، النساء، والأنفال. بالإضافة إلى ذلك، هناك ست آيات أخرى تحدثت عن الجهاد بلفظ “النفير” وهي موجودة في سورتي النساء والتوبة.
يشار أيضاً إلى أن الآيات التي تتحدث عن الجهاد موجودة في عدة سور مثل البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، التوبة، الحج، العنكبوت، والفتح.
أمثلة من القرآن الكريم:
القرآن الكريم يحث على الجهاد ويحذر من تركه. في سورة البقرة، يتم التحذير من القعود عن الجهاد عندما يكون مطلوبًا، حيث يقول الله تعالى: “فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” [البقرة:246].
وفي سورة المائدة، يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” [المائدة:35] .
وفي سورة الحج، يقول الله تعالى: “وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ” [الحج:78،77] .
وفي سورة الصف، يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” [الصف:10-11].
وفي سورة البقرة، يقول الله تعالى: “وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ” [البقرة:218].
وفي سورة الحج، يقول الله تعالى: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” [الحج:39].
وفي سورة البقرة، يقول الله تعالى: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ” [البقرة:193] .
وفي سورة الأنفال، يقول الله تعالى: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ” [الأنفال:39].
وفي سورة التوبة، يقول الله تعالى: “فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ” [التوبة:5].
وفي سورة آل عمران، يقول الله تعالى: “أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” [آل عمران:165].
ومن الجدير بالذكر أن الجهاد في الإسلام ليس مقتصرًا على القتال فحسب، بل يشمل أيضًا الجهد والمجاهدة في مدافعة عن الإسلام ونشره.
أخيرا، فإن الإسلام يحرض المسلمين على الاستعداد للجهاد والحرب ضد أعداء دينهم، والآية الكريمة واضحة:
“وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم لا تٌظلمون” [الأنفال:60 ] صدق الله العظيم.