ملكة
نظرة منك فقط، أيتها الملكة المتوجة على قلبي… نظرة منك تعيدني إلى روحي،
تعيد روحي إلى جسمي،
لتسكن،
مثلما الجوهرة الفريدة تسكن الصدفة… مثلما الصدفة تسكن قاع المحيط…
***
هل كثير عندما
يمضي المرء سكران بغبش الفجر،
أن يطلب رؤية عينيك
في مرآة الزمن؟
***
ها أنت ترين…
إنني آكل من نفسي كلما انعزلت وتناءيت في أصقاع غربتي،
بلا دليل…
***
فلماذا
يخونني الطفل
كلما حاولت أن أمزق حجاب هذا الصمت الثقيل،
وأسميك؟
العنكب
يصمت النهار
وأنا أقترب من شفة الحلم
آلاف الشموع
متوقدة في رأسي
يخرج النهار
وأنا أحترق بالنار الباردة
وفي السماء
بؤرة نور مشعّة منذ دهور
إنه العنكبوت الدامي
يسحبني إلى النبع
فيما أقترب من شفة الحلم
النهر
كيف ومتى عشت
في أي سرداب أظلم قذفوني
وتذكرت
حطام الأمس الغابر
تذكرت
يدي
على مفتاح سقط في النهر
وضاع
وضاع النهر
تذكرت قلبي
تذكرت التفجير المرعب
أصوات الأطفال
وأصوات النسوة
أصوات الفلاّحين
ونسيت ( أينسى ؟) صوت النهر
طريق
ــــ
لا أعرف
لكن حيث طريقي ابتدأت
لا بد أن أسلكها
ليلا وصباحا
لن يخطفني النجم المترصّد
لن يغويني القمر المخسوف
لن أرحل خلف الأرض
تركت الكوكب مشتعلا
وتركت التدمير
تركت اللاّ موجود
وحملت رفيقيّ
النار القدسية
والحب اللامحدود
ومسكونا بالزمن العاري
مهجوسا بالنبع الجواني
تركت الليل لنجومه
وسلكت
أريد
ـــ
أريد أن أهب لعينيك وحشة روحي
أريد أن أغوص في مناجم جسمك حتى تغرق الأرض معي
أريد أن أسافر على قدميّ إلى قطب الشمس الشمالي
أريد أن أضحك في مدغشقر وأبكي في سانتياغو
أريد أن أنام في حضرموت وأستيقظ في كاشمير
أريد أن أحبّ كل نساء الأرض
أريد أن أسبح في النهر…
لكن آه !
ماذا فعلوا بي؟
ماذا فعلوا برأسي؟
ماذا فعلوا بيديّ؟
ماذا فعلوا بقلبي؟
ماذا فعلوا بعينيّ؟
كيف ومتى عشت؟
في أي سرداب أظلم قذفوني؟
ورأيت…
رؤى
رأيت في ما لا يرى النائم أن الصمت مضيعة أن الموت حب آخر أحيانا أن الحب موت آخر أحيانا أن الإنسان صعب أن يتنازل عن موته أن الله والشيطان والملائكة والناس والخليقة جمعاء ما غيروا في ما رأيت شيئا
***
رأيت أنني أبكي بلا عينين و أضحك بلا شفتين و أسمع بلا أذنين و أمشي بلا قدمين
رأيت أنني أرى نفسي أبكي بلا عينين أضحك بلا شفتين أسمع بلا أذنين و أمشي بلا قدمين
***
رأيت حكّاما يحكمون محكومين يحتكمون إلى حكماء تحكمهم حكمة الحكم الممزوجة ببهار الموت
رأيت محكومين يحتكمون إلى حكّام يحكمهم حكماء ممزوجون ببهار الحكم
رأيت حكماء يحكمهم حكّام يحتكمون إلى محكومين بحكم الموت
***
رأيت أنكم جئتم وأنني ذهبت إلى لقياكم وأنكم ذهبتم وأنني جئت إلى غيابكم
بلا جسم
فكيف عرفتموني؟
نعم
أريد
عندما ينهار كل بياض
ويميل الظل إلى الظل
أن نتعانق
كذرّتين من الأزل
أو
مثلما يعانق الليل النهار
وأن نخلد إلى النوم معا
وندخل
في مدار كوني
مكررين عيد الأبدية الدائر
كل يوم
كطقس قدري
لا مردّ له
وبلا انتهاء
أن نملأ
هذه الصفحات
معا
بالزمن الخالد
بالحب
وباليقين.
كتبت بين باريس وبيروت وتونس (أوائل الثمانينات…)