أغنية الذئب الوحيد

 

وأطلس عسّال وما كان صاحبا *** دعوت بناري موهنا فأتاني

فلما أتى قلت ادن دونك إنني *** وإياك في زادي لمشتركان

وقلت له لما تكشر ضاحكا*** وقائم سيفي في يدي بمكان

تعش فإن عاهدتني ﻻ تخونني *** نكن مثل من يا ذئب يصطحبان…

 

 

 

 

 

 

بعد حين،

عندما الصبح ينبثق من قلب العتمة، وتنتشر فضاءات الضياء، لا شيء يعود مثلما كان،

إذ الحجرة غير الحجرة التي أعرف، والسماء… هذا المساء القاتل، غير السماء التي حدّقنا في ثنايا نجومها طويلا… معا،

وبعينين باردتين الآن، أنظر إلى الأشياء من حولي…

صامتة هي،

وأنا صامت.

بيني وبينك، سحب كثيفة،

ولا مطر،

سحب خريف بارد وحزين.

بعد حين…

***

 

 

آه ! تحوّلي يا ريح الفصل، عودي من حيث أتيت، أو توزعي في دروب الموت البيضاء… لكن لا تهبّي

أرجوك

على قصر الحلم الذي بنته أيدينا

لا تهبّي…

إن الشمس تحترق في جسدي…

آه ! لا تطفئي الجذوة، سيدتي الريح

أرجوك،

لا تحولي الشمس إلى كرة من رماد…

بل دعيني أغني أغنية الذئب الوحيد … أنصتي…

 

***

 

 

هذه الليلة لا طير يرافقني،

ولا نجم،

هذه الليلة محمولا على شمس أغيب،

أترك الحلم الذي طوقته،

وأباغت في مرآة نفسي ذلك الذئب الحزين،

أيها الذئب الحبيب،

حارس نومي وأيامي…

هذه الليلة مأسورا بفجري،

أمتطي شمسا إذا لاحت تغيب

وأحوّم مثل نسر ظامئ فوق المدينة.

 

***

 

 

لا شيء يبقى مثلما كان

لأن النهر لا يقف عن السيلان،

وأنا الآن حزين

مثل نبع جفّ ماؤه أو تجمّد

وشتائي راحل، ونجوم الليل عمياء، ودربي فارغ

إلاّ من الفجر الذي يأتي من الشرق القديم،

لابسا جلباب دم،

وقلائد من ألم،

ويجرّ زيفه معه، سحائبه، سجونه، وجنونه، ومنافيه، سلاحه، وجنوده، وبنوكه، ومخازنه، وقوته الرهيبه…

وبلا صوت، بلا حلم، بلا حبّ يجيء، بلا بطوله…

وشتائي راحل…

غير أني هذه الليلة مسحورا بشمس طلعت من شرق مرآتي، أنزوي في غرفة في باطني،

ويباغتني شقيقي: أيها الذئب الوحيد،

أيها النار التي تأتي من المريخ في الفجر…

أيها الماء الذي يرحل من أرض إلى أرض، ومن حبّ إلى حبّ…

يا أخي التوأم… يا رفيقي

إنه زمن غريب

تتطلّع في مرآة هذا الكون مسحورا بشمس أشرقت من غربه،

أتراني أم ترى نفسك…

موغلا في وحشة الليل الرهيب؟

Scroll to Top