عالم الشرق والغرب : وحدة الاستقصاء
الآثار الاقتصادية
أزمة الديون والاعتماد على صندوق النقد الدولي:
تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة، تفاقمت بسبب وصول الدين العام إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي. وتجد البلاد صعوبة متزايدة في تمويل نفسها، مع عجز كبير في الميزانية. وتكتسي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض أهمية حاسمة، لكن الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، مثل تجميد فاتورة أجور الخدمة المدنية وخفض الدعم، تهدد بتفاقم الوضع الاجتماعي.
السيادة الاقتصادية:
تبنّى قيس سعيد موقفاً سيادياً، رافضاً “الأوامر الأجنبية” ومحاولاً التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشروطه الخاصة. ومع ذلك، فقد زاد هذا النهج من حالة عدم اليقين الاقتصادي ويمكن أن يضر بقدرة تونس على تأمين التمويل الحيوي.
التأثير على العلاقات التجارية:
أثارت خطابات سعيد وإجراءاته المناهضة للمهاجرين ردود فعل دولية عنيفة، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد أدى ذلك إلى دعوات لمقاطعة المنتجات التونسية، وإلغاء البعثات التجارية، وحظر البضائع في بعض الموانئ الأفريقية.
ومن المرجح أن تؤدي هذه التوترات التجارية إلى إلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد التونسي.
الآثار الاجتماعية
القمع وحقوق الإنسان:
منذ انقلاب قيس سعيد بالقوة، اشتد قمع الأصوات المعارضة. وتتكرر الاعتقالات التعسفية للصحفيين والمعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان. وتندد منظمة العفو الدولية ومنظمات غير حكومية أخرى بالتدهور الكبير في حقوق الإنسان في تونس.
مناخ الخوف والانقسام:
أدى القمع إلى خلق مناخ من الخوف والانقسام داخل المجتمع التونسي. وقد أدى خطاب سعيد الشعبوي والعدائي إلى تأجيج التوترات الاجتماعية والسياسية، مما يهدد السلم الأهلي. كما أثارت الإجراءات المتخذة ضد المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى غضبًا دوليًا وتوترات داخلية.
تدهور الأوضاع المعيشية:
أدت الأزمة الاقتصادية إلى تدهور الأوضاع المعيشية للتونسيين. فالبطالة لا تزال مرتفعة، والتفاوتات الاجتماعية آخذة في الاتساع. ومن المرجح أن تؤدي الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، مثل خفض الدعم، إلى تفاقم الفقر وإثارة الاضطرابات الاجتماعية.
التأثير على النساء والأقليات:
كان لقرارات سعيد أيضاً تأثير سلبي على حقوق المرأة والأقليات. فقد اعتُبر موقفه المحافظ وإصلاحاته الدستورية تهديداً للمكاسب التي تحققت في مجال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا من تدابير قيس سعيد
كان للإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد تأثير كبير على العديد من القطاعات الاقتصادية في تونس. وفيما يلي تحليل مفصل للقطاعات الأكثر تأثراً:
قطاع السياحة
تأثر قطاع السياحة، وهو أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، بشدة بسبب عدم الاستقرار السياسي والإجراءات التقييدية. وقد أدى تصور تدهور الأمن وحقوق الإنسان إلى ردع العديد من السياح والمستثمرين الأجانب. كما أدت التوترات الاجتماعية والإضرابات إلى تعطيل العمليات في هذا القطاع الحيوي.
قطاع الفوسفات والطاقة
عانى قطاعا الفوسفات والطاقة، وهما قطاعان أساسيان للصادرات التونسية، من الإضرابات والمطالب الاجتماعية. وأدت الاضطرابات الجيوسياسية والإضرابات العمالية إلى تعطيل إنتاج وتصدير هذه الموارد، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
القطاع الزراعي
كما تأثرت الزراعة التي تتأثر بشكل خاص بتقلبات الطقس، بالتدابير التي اتخذها سعيد. فقد أدى الاعتماد على واردات المنتجات الأساسية، التي ارتفعت أسعارها نتيجة للتضخم العالمي، إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها المزارعون المحليون. كما أثّر ارتفاع أسعار الحبوب والنفط، الذي يرجع جزئياً إلى الصراع في أوكرانيا، بشدة على هذا القطاع.
قطاع التصنيع
يواجه قطاع التصنيع، على الرغم من أنه يمثل نسبة كبيرة من الاستثمار الأجنبي، تحديات كبيرة. فقد أدت الشكوك السياسية والاقتصادية، فضلاً عن العقبات الإدارية، إلى تباطؤ الاستثمار وتعطيل عمليات شركات التصنيع. حتى أن بعض الشركات الأجنبية تفكر في مغادرة تونس بسبب هذه الشكوك.
التجارة الخارجية
تذبذبت التجارة الخارجية لتونس بشكل كبير. فقد أثرت السياسات النقدية التقييدية للشركاء التجاريين الرئيسيين، مثل منطقة اليورو، على الصادرات التونسية، لا سيما في قطاعات التصنيع. ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار واردات السلع الأساسية وارتفاع سعر تصدير زيت الزيتون قد جلب بصيصاً من الأمل.
العلاقات التجارية مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
تضررت العلاقات التجارية مع دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بشكل خاص بسبب تصريحات قيس سعيد المعادية للمهاجرين. وأدت هذه التصريحات إلى دعوات لمقاطعة المنتجات التونسية، وإلغاء البعثات التجارية، وحظر البضائع في بعض الموانئ الأفريقية. وقد أثرت هذه التوترات سلباً على الصادرات والعلاقات التجارية مع المنطقة.
الاستثمار الأجنبي
على الرغم من زيادة الاستثمارات الأجنبية في عام 2023، لا سيما في مجال التصنيع، إلا أن حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي أعاقت العديد من المستثمرين المحتملين. أعربت الشركات الأجنبية العاملة في تونس عن مخاوفها بشأن الحصول على التمويل، والعقبات الإدارية، وصعوبة العثور على موظفين مؤهلين.
كانت قطاعات السياحة والفوسفات والطاقة والزراعة والتصنيع والتجارة الخارجية أكثر القطاعات تأثراً بإجراءات قايد سعيد. وقد أدت حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي إلى تفاقم الصعوبات في هذه القطاعات، مع ما ترتب على ذلك من تداعيات سلبية على الاقتصاد التونسي ككل.
باختصار، أغرقت قرارات قيس سعيد تونس في أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة. وقد أدى قمع الحريات، وتدهور حقوق الإنسان، والتوترات الاقتصادية والتجارية إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها البلاد، مما يهدد مكتسباتها الديمقراطية واستقرارها الاجتماعي.