قطر في مراكز البحوث والمنظمات الإقليمية والعالمية
استهلال عن “كعبة المضيوم”
ها هو التقرير السنوي الثالث في سلسلة “قطر في عيون الآخرين” نضعه بين أيدي القراء في كل مكان. وهو تقرير كان في الأصل محدود التداول وموجها فقط لجلب انتباه كبار المسؤولين في دولة قطر إلى بعض ما يتداول في المنظمات الدولية والإقليمية وفي مراكز البحوث والدراسات والاستشارة، فيما يخص الشأن القطري، أو ما كل له علاقة بقطر، داخلياً وخارجياً.
نواصل في التقرير الحالي رصد ومتابعة ما كتب وقيل في العالم، وهي طريقة لفهم مدى التجاوب أو المعارضة التي تلقاها السياسات القطرية في الخارج. إن فهم كيفية إدراك الآخرين وتحليلهم لأوضاع هذا البلد الحقيقية (أي الموضوعية، وليس المتخيلة) ومواقف مسؤوليه، وتأثيرها في المحيط المباشر وغير المباشر، بحكم ما يتحكمون فيه من موارد مادية هائلة، هو مسألة في غاية الأهمية والخطورة، باعتبار أن دولة قطر عضو فاعل في المجموعة الدولية كما يفترض، ولها أهداف معلنة تجهد أجهزتها الدبلوماسية والإعلامية في ربطها بالقيم الأخلاقية العليا والمثل السامية. والمشكلة، كما يتبين من هذه السلسلة التي تستعرض ردود فعل وتحاليل «الآخرين» ( أي غير القطريين)، أن هناك فرقا شاسعا بين ما تدعيه تلك الأجهزة وبين الواقع. وهو الفرق نفسه بين الوهم الذاتي والوعي الذاتي.
فالوعي الذاتي، بما هو وعي، يعكس الذات والأفعال في مرآة العقل، أي يحاكمها. وهو بالضرورة وعي نقدي، ينتج صورة موضوعية من خلال مسافة النقد. أما الوهم الذاتي، فهو كل ما يتصوره الشخص غير السوي عن نفسه، مما لا علاقة له بالواقع، وإن كان يبدو له “حقيقيا” تماما.
وبالنسبة للدول، وضمن اللعبة السياسية، قد يكون من المفيد أحيانا استعمال الوهم والإيهام، للوصول إلى أهداف معينة. فهذا كثيرا ما يقع، سواء في السياسات الداخلية، ضمن لعبة الصراع على السلطة، أو في السياسات الدولية، ضمن لعبة القوة وتوازن القوى. على أن هذه اللعبة تفترض سيطرة مبدئية على أداة أو أدوات الوهم/الإيهام. وليس هذا ممكنا إذا تغلب الوهم الذاتي على الوعي الذاتي. وبعبارة بسيطة جدا: إذا كذبت وظللت تكذب حتى أصبحت تصدق كذبك، ولم تعد قادرا على التراجع ولا على النقد الذاتي، فإنك تقع في مشكلة كبرى مع الآخرين، هي ما نسميه: المصداقية.
و لأنه من الصعب على أي دولة أن تحقق أهدافها في عصرنا دون التعاون مع الدول الأخرى ودون أن تأخذ في الاعتبار مصالح الآخرين في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق مصالحها، يغدو من الضروري أن تقف من نفسها ومن سياساتها موقف الناقد غير المجامل، بين فينة وأخرى. وهذا يبدو أيسر في الأنظمة الديمقراطية منه في الأنظمة الأوتوقراطية.
في الأنظمة الديمقراطية، هناك عدة أجهزة وأدوات قانونية وغيرها تجبر أي حكومة أو أي شخص يشارك في الحكم على الاعتراف بالمسؤولية، أو التنازل عن السلطة. هناك المناقشات البرلمانية، وهناك الإعلام الحر، وهناك الأحزاب المعارضة، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني غير الحكومية، وهناك طبعا السلطة القضائية المنفصلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، والمستقلة بقراراتها وأحكامها. وهذه الأجهزة والأدوات المختلفة تجبر أي حاكم وأي سياسي على تقديم كشف بالحساب بشكل علني. وللأسف! ليس هناك شيء من هذا في قطر. فالموارد المالية الضخمة لهذا البلد، وانعدام الشفافية، تجعل حكومته وسياساتها مثل جبل الجليد، نرى قمته ولا نرى بقيته، لأنها مغمورة بمياه عميقة.
والمسؤولون القطريون لا يفوتون فرصة منذ 2011، للادعاء أنهم يدافعون عن حقوق الشعوب العربية، وأن قطر هي «كعبة المضيوم». ولا نرى في ذلك بأسا من حيث المبدأ. لكني كشخص أقام في قطر ثماني سنوات متوالية، وعمل في ديوان وزارة الخارجية، أستطيع أن أؤكد بيقين أن قطر ليست كعبة المضيوم، وإنما فقط كعبة الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين (الطالبان مجرد مثال) البغيضين المكروهين في بلدانهم وفي كل مكان آخر. وكيف تكون قطر “كعبة المضيوم” وآلاف العمال المساكين يموتون في غرف مكتظة، غير صحية، أو يسقطون في مكان العمل، أو في الشارع، بضربة شمس أو من شدة الإرهاق؟ كيف تكون قطر كعبة المضيوم وأجر العامل الصغير فيها ( في البناء أو التنظيف أو الحراسة، الخ…) لسنة كاملة هو أجر نفس العامل في أوروبا لشهر واحد؟ ثم إن الذي خصص موارد لدعم الشعوب الأخرى التي ترفض الظلم و تثور على حكامها، حبا في الديمقراطية ووفاء لحقوق الإنسان، هل حقق ذلك في بلاده؟ هل تحققت الديمقراطية في قطر لدعم الحراك في تونس، ومصر، وليبيا وغيرها؟ فلو كانت قطر نموذجا لحكم ديمقراطي، هل كان أحد سيعترض على ما تفعله في الخارج سوى شعبها نفسه؟ ولكن أين الشعب القطري من الديمقراطية؟
إن حلبة السياسة الدولية يسودها الصراع أكثر من التجانس، وتغلب عليها أحياناً نزعات لا علاقة لها بحب الآخرين أو حب الخير. الساحة السياسية الدولية، إذا صدقنا الفيلسوف الإنجليزي هوبس، هي غابة حقيقية يستذئب فيها البعض على البعض الآخر، وتسيطر عليها علاقات القوة.
وقطر دولة صغيرة نامية، كان بإمكانها أن تراهن على التنمية والبناء الداخلي، وتنجح في ذلك، وتتحول إلى بلد كسنغافورة أو النرويج أو سويسرا ، في الشرق الأوسط… لو اختارت السلام. وكان بإمكانها، أن تصلح في الداخل وتدعم مطالب شعبها وتمهد له طريق الازدهار والرقي، على أساس احترام حقوقه وحقوق الآخرين، ضمن نظام ديمقراطي متقدم. ولها من الموارد لتقوم بهذا الإنجاز ما يكفيها وأكثر. ثم إذا شاءت أن تساعد الشعوب الأخرى، يمكنها أن تقوم بذلك من خلال القنوات القانونية والرسمية، وليس من خلال دعم الحركات الرجعية والظلامية، وتمويل التطرف والإرهاب في كل مكان.
لو فعلت ذلك، كانت قطعا ستكسب مصداقية أكبر في العالم، ودورا غير مسبوق لدولة عربية.
إلا أن خيارات مسؤوليها وضعتها في مواضع الشبهة والاتهام.
وهذا الكتاب، ضمن سلسلة ترفع الغطاء عن ردود الأفعال في العالم، هو البرهان الجلي على ذلك.
د. هشام القروي
حزيران/يونيو 2021.
فهرس المحتويات
أمثلة عن رؤية الآخرين للأداء القطري في السياسة العامة للدولة. 13
في ظروف الاضطراب السياسي المستمر إقليمياً 13
تقييمات الأوضاع السياسية والأمنية. 14
تقييمات التنمية والأوضاع الاقتصادية. 18
تقييمات الأوضاع الاجتماعية. 22
القسم الثاني: مقتطفات عام 2015. 27
الجزء الأول: المنظمات الإقليمية والدولية الحكومية. 28
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.. 28
منظمة التعاون الإسلامي: مركز الأبحاث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية. 79
شبكة حلول التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة. 86
منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “اليونكتاد”. 97
الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي… 100
الجزء الثاني: المنظمات الإقليمية والدولية غير الحكومية. 102
المعهد العالمي لريادة الأعمال والتنمية. 103
الجزء الثالث: مؤسسات بحثية من مختلف بقاع العالم.. 114
شبكة الأمن الدولي (زيورخ، سويسرا) 115
معهد الاستشارات الاستراتيجية والسياسية والأمنية والاقتصادية. 116
المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. 117
معهد دراسات الأمن القومي (إسرائيل) 119
المعهد الملكي إلكانو للدراسات الدولية والاستراتيجية (إسبانيا). 122
مركز الدراسات الأمنية (سويسرا). 127
الجزء الرابع: مراكز بحثية من الولايات المتحدة الأمريكية. 130
مؤسسة هيريتيج Heritage Foundation. 137
مركز ديفيد هورويتز للحرية: فرونت بيج ماغ.. 142
معهد أبحاث السياسة الخارجية. 143
مركز كارنيغي للشرق الأوسط.. 144
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.. 146
الجزء الخامس: مؤسسات بحثية عربية. 158
المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية (القاهرة). 159
المركز العربي للدراسات المستقبلية. 161
مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. 163
مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 165
المركز العربي للبحوث والدراسات.. 177
الجزء السادس: دوريات أكاديمية / مجلات ذات تأثير.. 179
ميدل إيست كوارترلي Middle East Quarterly. 181
المجلة الأوروبية للدراسات الاقتصادية والسياسية. 183
مجلة العالم الإسلامي The Muslim World. 185
مجلة “المصلحة القومية” NAtional interest 188
مجلة الشؤون الدولية، جورج تاون. 190
Georgetown Journal of International Affairs. 190
القسم الثالث: فهارس الأوراق المرصودة. 191
فهرس المنظمات الإقليمية والدولية الحكومية. 192
فهرس المنظمات الإقليمية والدولية غير الحكومية. 196
فهرس مؤسسات بحثية من مختلف بقاع العالم.. 199
فهرس مراكز بحثية من الولايات المتحدة الأمريكية. 203
فهرس دوريات أكاديمية ومجلات ذات تأثير.. 214
More Stories
اقرأ الكتاب الكامل: قطر في عيون الآخرين (الجزء الرابع): الأزمة الكبرى والمقاطعة
عشرة أعوام على دراسات الشرق الأوسط: العدد السادس
عشرة أعوام على دراسات الشرق الأوسط: العدد الخامس